الأمصار وتفرقت الصحابة في الأقطار ومات معظمهم وقل الضبط مست الحاجة إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة.
يرجع عهد تدوين الحديث إلى عصر الصحابة رضي الله عنهم. فقد كان منهم عدة أشخاص يكتبون ويحدثون مما كتبوا (1) لكن معظمهم كانوا يعون ذلك في صدورهم إذ نهوا عن كتابة الحديث (2) في بدء الاسلام خشية اختلاطه بالقرآن. اتبع كبار التابعين الصحابة الكرام في اهتمامهم بشأن الحديث ونشره بطريق الرواية إلى أن وضع زمام الخلافة في يد الإمام العادل عمر بن عبد العزيز فأمر بكتابة الحديث على رأس المائة. قال البخاري في صحيحه في كتاب العلم: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فاني خفت دروس العلم لذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وليفشوا العلم وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا. وكذلك كتب إلى عماله في أمهات المدن الاسلامية بجمع الحديث.
أول من دون الحديث بأمر عمر بن عبد العزيز محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري أحد الأئمة الاعلام وعالم أخل الحجاز والشام، أخذ عن جماعة من صغار الصحابة وكبار التابعين. ثم فشا التدوين في الطبقة التي تلي طبقة الزهري. فكان أول من جمعه ابن جريح بمكة، وابن إسحاق أو مالك بالمدينة، والربيع بن صبيح أو سعيد بن أبي عروبة أو حماد بن سلمة بالبصرة، وسفيان الثوري