بالكوفة، والأوزاعي بالشام، وهشيم بواسط، ومعمر باليمن، وجرير بن عبد الحميد بالري، وابن المبارك بخراسان، وكل هؤلاء من أهل القرن الثاني وكانت مجموعات الحديث لهم مختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
ثم أخذ رواة الحديث يفردونه بالجمع والتأليف في أول القرن الثالث ولم يزل التأليف في الحديث متواليا إلى أن ظهر الامام البخاري وبرع في علم الحديث وحصل له فيه المنزلة العليا فأراد أن يجرد الصحيح ويجعله في كتاب على حدة فألف كتابه المشهور بصحيح البخاري وأورد فيه ما تبين له صحته. واقتفى أثره في ذلك مسلم بن الحجاج وكان من الآخذين عنه والمستفيدين منه فألف كتابه المشهور بصحيح مسلم فلقب هذان الكتابان بالصحيحين. وكانت كتب الحديث قبل هذا بحيث لا يتبين للناظر فيها درجة الحديث من الصحة إلا بعد البحث عن أحوال رواته وغير ذلك مما هو معروف عند أهل الحديث.
قد كان للصحابة رضي الله عنهم عناية شديدة في معرفة الحديث وفي نقله لمن لم يبلغه ولشدة عنايتهم به كان كثير من جلة الصحابة كأبي بكر والزبير وأبي عبيدة والعباس بن عبد المطلب يقلون الرواية عنه بل كان بعضهم لا يكاد يروى (1) شيئا كسعيد بن زيد بن عمرو وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة.
وقد ثبت كثير من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في قبول كثير من الاخبار.