ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع الاحتجاج بهم لكنه أخرج في المستدرك أحاديث بعضهم وصححها، ومن ذلك أنه أخرج حديثا لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وكان قد ذكره في الضعفاء فقال أنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة. ويظهر من كلام الحاكم أيضا أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره لأنه قال: إذا ذكرت في باب لا بد من المطالعة لكبر سني (1).
وقال الحافظ ابن حجر: إنما وقع للحاكم تساهل لأنه سود الكتاب لينقحه فعاجلته المنية ولم يتيسر له تنقيحه.
على أن الحاكم أجل قدرا وأعظم خطرا وأكبر ذكرا من أن يذكر في الضعفاء.
فمن تأمل كلامه في تصانيفه وتصرفه في أماليه ونظره في طرق الحديث أذعن بفضله واعترف له بالمزية على من تقدمه وإتعابه من بعده وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه - عاش حميدا ولم يخلف في وقته مثله.
روي أن الحاكم دخل الحمام وخرج فقال " آه " فقبض روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد وذلك في ثالث صفر سنة خمس وأربعمائة يوم الأربعاء ودفن بعد العصر وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري.