تفرد الحاكم أبو عبد الله في عصره من غير أن يقابله أحد ممن اشتهر بحفظ الحديث وعلله بالحجاز والشام والعراقين والجبال والري وطبرستان وقومس وخراسان بأسرها وما وراء النهر. قيل أن أربعة من الحفاظ تعاصروا - الدارقطني ببغداد وعبد الغنى بمصر وأبو عبد الله بن مندة بإصبهان وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل وأما عبد الغنى فأعلمهم بالأنساب وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا.
روى أنه إذا حضر الحاكم مجلس سماع محتو على شيوخ وصدور كان يؤنسهم بمحاضرته ويطيب أوقاتهم بحكاياته بحيث يظهر صفاء كلامه على الحاضرين فيأنسون بحضوره.
ويحكى أن مقدمي عصره مثل الأعمام أبى لسهل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة كانوا يقدمون الحاكم على أنفسهم ويراعون حق فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة بسبب تفرده بحفظه ومعرفته.
واتفق له من التصانيف ما يبلغ نحو ألف جزء من تخريج الصحيحين (1) وتاريخ نيسابور وفضائل الشافعي وفوائد الشيوخ وأمالي العشيات وتراجم الشيوخ وعلوم الحديث وكتاب العلل وكتاب الأمالي وغير ذلك، وأما ما تفرد بإخراجه فمعرفة علوم الحديث وتاريخ علماء نيسابور والمدخل إلى علم الصحيح (2) والمستدرك على الصحيحين وما تفرد به كل واحد من الامامين وفضائل الإمام الشافعي وقد رمي هذا الامام الجليل بالتشيع.
قيل إنه يذهب إلى تقديم علي رضي الله عنه من غير أن يطعن في واحد من الصحابة رضي الله عنه عنهم. إذا تتبعنا وجدنا الطاعنين يذكرون أن محمد بن طاهر