عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة وتفاوت رتبها وما للعلماء في ذلك من الخلاف بالقبول والرد. ثم أتبعوا ذلك بكلام في ألفاظ تقع في متون الحديث من غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق منها أو مختلف وما يناسب ذلك.
وقال الحافظ ابن حجر في أول شرحه (1) لكتابه نخبة الفكر: إن أول من صنف في الاصطلاح هو القاضي أبو محمد (2) الرامهرمزي فعمل كتاب المحدث الفاصل (3) لكنه لم يستوعب والحاكم أبو عبد الله النيسابوري لكنه لم يهذب (4) وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمتعقب. ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي فصنف في قوانين الرواية كتابا سماء الكفاية وفى آدابها كتابا سماه الجامع لآداب الشيخ والسامع وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا فكان - كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة - كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه. ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصب فجمع القاضي عياض كتابا لطيفا سماه إلا لماع وأبو حفص (5) الميانجي جزءا سماه ما لا يسع المحدث جهله وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبسطت واختصرت إلى أن جاء الحافظ الفقيه أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لما ولى تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور فهذب فنونه وأملاه شيئا بعد شئ فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها فنخب فوائدها فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره فلا يحصى كم من ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر. ا ه.