حدثت أنك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن؟ فقال: أجل، فقلت:
حدثني كيف كان شأنه؟ قال: إن أهل الصفة أخذ كل رجل منهم رجلين يعيشهما، وتركت فلم يأخذني منهم أحد، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(من هذا؟) فقلت: أن ابن مسعود، فقال: (ما أجدك أحد يعشيك؟) قلت: لا، قال: (فانطلق لعلي أجد لك شيئا) فانطلقنا حتى أتى حجرة أم سلمة، فتركني رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ودخل إلى أهله، ثم خرجت الجارية فقالت: يا ابن مسعود إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجد لك عيشا، فارجع إلى مضجعك، فرجعت إلى المسجد، فجمعت حصى المسجد فتوسدته، والتففت بثوبي، فلم ألبث إلا قليلا حتى جاءت الجارية، فقالت: عبد الله بن مسعود أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعتها وأنا أرجو العشاء، حتى إذا بلغت مقامي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عسيب من نخل، فعرض به على صدري، فقال: (انطلق أنت معي حيث أنطلق) قلت: ما شاء الله، فأعادها علي ثلاث مرات، كل ذلك أقول: ما شاء الله، فانطلق وانطلقت معه حتى أتينا بقيع الغرقد، فخط بعصاه خطا، ثم قال: (اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك) ثم انطلق يمشي وأنا أنظر إليه خلال النخل، حتى إذا كان من حيث أراه ثارت مثل العجاجة السوداء، ففرقت فقلت ألحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإني أظن هذه هوزان مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن لا أبرح مكاني الذي أنا فيه، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعهم بعصاه، ويقول: (اجلسوا) فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح، ثم ثاروا وذهبوا، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنمت بعدي؟) قلت: لا والله، لقد فزعت الفزعة الأولى حتى أردت أن آتي البيوت فأستغيث، حتى سمعتك تقرعهم بعصاك، وكنت أظنها هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، قال: (لو