[و] كان القتال الأول يستحر إلى انتصاف النهار وأصيب فيه طلحة رضي الله عنه، وذهب فيه الزبير، فلما أووا إلى عائشة وأبى أهل الكوفة إلا القتال، ولم يريدوا إلا عائشة، ذمرتهم عائشة، فاقتتلوا، حتى تنادوا فتحاجزوا، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا، وذلك يوم الخميس في جمادى الآخرة، فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة والزبير، وفي وسطه مع عائشة، وتزاحف الناس، فهزمت يمن البصرة يمن الكوفة، وربيعة البصرة ربيعة الكوفة، ونهد علي بمضر الكوفة إلى مضر البصرة، وقال: إن الموت ليس منه فوت، يدرك الهارب ولا يترك المقيم.
[و] اقتتلت المجنبتان حين تزاحفتا قتالا شديدا، يشبه ما فيه القلبان، واقتتل أهل اليمن، فقتل على راية أمير المؤمنين من أهل الكوفة عشرة، كلما أخذها رجل قتل، خمسة من همذان وخمسة من سائر اليمن، فلما رأى ذلك يزيد ابن قيس أخذها فثبتت في يده وهو يقول:
قد عشت يا نفس وقد غنيت * دهرا فقطك اليوم ما بقيت أطلب طول العمر ما حييت وإنما تمثلها وهو قول الشاعر قبله. وقال نمران بن أبي نمران الهمداني:
جردت سيفي في رجال الأزد * أضرب في كهولهم والمرد كل طويل الساعدين نهد