وجاء محمد بن طلحة فأخذ بزمام الجمل، فقال: يا أمتاه، مريني بأمرك.
قالت: آمرك أن تكون كخير بني آدم إن تركت، قال: فحمل فجعل لا يحمل عليه أحدا إلا حمل عليه ويقول: " حم لا ينصرون " واجتمع عليه نفر فكلهم ادعى قتله: المكعبر الأسدي، والمكعبر الضبي، ومعاوية بن شداد العبسي، وعفان بن الأشقر النصري، فأنفذه بعضهم بالرمح، ففي ذلك يقول قاتله منهم:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم يذكرني حم والرمح شاجر * فهلا تلا حم قبل التقدم على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يندم قال القعقاع بن عمرو للأشتر يؤلبه يومئذ: هل لك في العود؟ فلم يجبه.
فقال: يا أشتر، بعضنا أعلم بقتال بعض منك. فحمل القعقاع، وإن الزمام مع زفر بن الحارث، وكان آخر من أعقب في الزمام، فلا والله ما بقي من بني عامر يومئذ شيخ إلا أصيب قدام الجمل، فقتل فيمن قتل يومئذ ربيعة جد إسحاق بن مسلم، وزفر يرتجز ويقول:
يا أمنا يا عيش لن تراعي * كل بنيك بطل شجاع ليس بوهام ولا براعي