كان بين أصحاب عائشة وأصحاب علي، فزحم الناس عمارا حتى أقبل إليه، فاتقاه عمار بدرقته، فضربه فانتشب سيفه فيها، فعالجه فلم يخرج، فخرج عمار إليه لا يملك من نفسه شيئا، فأسف عمار لرجليه فقطعهما، فوقع على أسته، وحمله أصحابه، فارتث بعد، فأتى به علي فأمر بضرب عنقه. ولما أصيب ابن يثربي ترك ذلك العدوي الزمام، ثم خرج فنادى: من يبارز؟ فخنس عمار وبرز إليه ربيعة العقيلي - والعدوي يدعى عمرة بن بجرة، أشد الناس صوتا - وهو [أي ربيعة] يقول:
يا امنا أعق أم نعلم * والأم تغدو ولدا وترحم ألا ترين كم شجاع يكلم * وتختلي منه يد ومعصم ثم اضطربا، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، فماتا.
وقال عطية بن بلال: ولحق بنا من آخر النهار رجل يدعى الحارث، من بني ضبة، فقام مقام العدوي، فما رأينا رجلا قط أشد منه، وجعل يقول:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل * ننعي ابن عفان بأطراف الأسل الموت أحلى عندنا من العسل * ردوا علينا شيخنا ثم بجل [و] جعل أبو الجرباء يومئذ يرتجز ويقول:
أسامع أنت مطيع لعلي * من قبل أن تذوق حد المشرفي وخاذل في الحق أزواج النبي * أعرف قوما لست فيه بعني