بهذه المنزلة، فإن لنا عتادا من خيول وسلاح محمودا، فإن أقدمتم أقدمنا وإن أمسكتم أحجمنا. فقال ابن السوداء: أحسنت.
وقال سالم بن ثعلبة: من كان أراد بما أتى الدنيا فإني لم أرد ذلك، والله لئن لقيتهم غدا لا أرجع إلى بيتي، ولئن طال بقائي إذا أنا لاقيتهم لا يزد على جزر جزور، وأحلف بالله إنكم لتفرقون السيوف فرق قوم لا تصير أمورهم إلا إلى السيف. فقال ابن السوداء:
قد قال قولا.
وقال شريح بن أوفى: أبرموا أموركم قبل أن تخرجوا ولا تؤخروا أمرا ينبغي لكم تعجيله، ولا تعجلوا أمرا ينبغي لكم تأخيره، فإنا عند الناس بشر المنازل، فلا أدري ما الناس صانعون غدا إذا ما هم التقوا.
وتكلم ابن السوداء فقال: يا قوم، إن عزكم في خلطة الناس، فصانعوهم، وإذا التقى الناس غدا فأنشبوا القتال، ولا تفرغوهم للنظر، فإذا من أنتم معه لا يجد بدا من أن يمتنع، ويشغل الله عليا وطلحة والزبير ومن رأى رأيهم عما تكرهون. فأبصروا الرأي، وتفرقوا عليه والناس لا يشعرون.
وأصبح علي على ظهر، فمضى ومضى الناس حتى إذا انتهى إلى عبد القيس نزل بهم وبمن خرج من أهل الكوفة وهم أمام ذلك، ثم ارتحل حتى نزل على أهل الكوفة وهم أمام ذلك والناس متلاحقون به وقد قطعهم، ولما بلغ أهل البصرة رأيهم ونزل علي بحيث نزل، قام أبو الجرباء إلى الزبير بن العوام فقال: إن الرأي أن تبعث الآن ألف فارس فيمسوا هذا الرجل ويصبحوه قبل أن يوافي أصحابه، فقال الزبير: يا أبا الجرباء، إنا لنعرف أمور الحرب،