بعض النسخ من هنيهاتك أي أراجيزك والهنة يقع على كل شئ وفيه جواز إنشاء الأراجيز وغيرها من الشعر وسماعها ما لم يكن فيه كلام مذموم والشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح قوله (فنزل يحدو بالقوم) فيه استحباب الحدا في الأسفار لتنشط النفوس والدواب على قطع الطريق واشتغالها بسماعة عن الاحساس بألم السير قوله (اللهم لولا أنت ما اهتدينا) كذا الرواية قالوا وصوابه في الوزن لاهم أو تالله أو والله لولا أنت كما في الحديث الآخر فوالله لولا الله قوله (فاغفر فداء لك ما اقتفينا) قال المازري هذه اللفظة مشكلة فإنه لا يقال فدى الباري سبحانه وتعالى ولا يقال له سبحانه فديتك لأن ذلك إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه قال ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه كما يقال قاتله الله ولا يراد بذلك حقيقة الدعاء عليه وكقوله (صلى الله عليه وسلم) تربت يداك وتربت يمينك وويل أمه وفيه كله ضرب من الاستعارة لأن الفادي مبالغ في طلب رضى المفدي حين بذل نفسه عن نفسه للمكروه فكان مراد الشاعر أني أبذل نفسي في رضاك وعلى كل حال فإن المعنى وإن أمكن صرفه إلى جهة صحيحة فاطلاق اللفظ واستعارته والتجوز به يفتقر إلى ورود الشرع بالإذن فيه قال وقد يكون المراد بقوله فدا لك رجلا يخاطبه وفصل بين الكلام فكأنه قال فاغفر ثم دعا إلى رجل ينبهه فقال فدالك ثم عاد إلى تمام الكلام الأول فقال ما اقتفينا قال وهذا تأويل يصح معه اللفظ والمعنى لولا أن فيه تعسفا اضطرنا إليه تصحيح الكلام وقد يقع في كلام العرب من الفصل بين الجمل المعلق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل قوله (إذا صيح بنا أتينا) هكذا هو في نسخ بلادنا أتينا بالمثناة في أوله وذكر القاضي أنه روى بالمثناة وبالموحدة فمعنى المثناة إذا صيح بنا للقتال ونحوه من المكارم أتينا ومعنى الموحدة أبينا الفرار والامتناع قال القاضي رحمه الله تعالى قوله فداء لك بالمد والقصر والفاء مكسورة حكاه الأصمعي وغيره فأما في المصدر
(١٦٦)