والثاني أن أصلها على التحريم حتى يرد الشرع بغير ذلك والثالث على الإباحة والرابع على الوقف وهذا الخلاف في غير التنفس ونحوه من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها فإنها ليست محرمة بلا خلاف الا على قول من يجوز تكليف ما لا يطاق وفي هذا الحديث أيضا بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم لأنه (صلى الله عليه وسلم) نصحهم في تعجيل الانتفاع بها ما دامت حلالا قوله (صلى الله عليه وسلم) (فلا يشرب ولا يبع) وفي الرواية الأخرى إن الذي حرم شربها حرم بيعها فيه تحريم بيع الخمر وهو مجمع عليه والعلة فيها عند الشافعي وموافقيه كونها نجسة أوليس فيها منفعة مباحة مقصودة فيلحق بها جميع النجاسات كالسرجين وذرق الحمام وغيره وكذلك يلحق بها ما ليس فيه منفعة مقصودة كالسباع التي لا تصلح للاصطياد والحشرات والحبة الواحدة من الحنطة ونحو ذلك فلا يجوز بيع شئ من ذلك وأما الحديث المشهور في كتب السنن عن أبن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إن الله إذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه فمحمول على ما المقصود منه الأكل بخلاف ما المقصود منه غير ذلك كالعبد والبغل والحمار الأهلي فإن أكلها حرام وبيعها جائز بالاجماع قوله (صلى الله عليه وسلم) (فمن أدركته هذه الآية) أي أدركته حيا وبلغت والمراد بالآية قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية قوله (فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها) هذا دليل على تحريم تخليلها ووجوب المبادرة بإراقتها وتحريم امساكها ولو جاز التخليل لبينه النبي (صلى الله عليه وسلم) لهم ونهاهم عن اضاعتها كما نصحهم وحثهم على الانتفاع بها قبل تحريمها حين توقع نزول تحريمها وكما نبه أهل الشاة الميتة على دباغ جلدها والانتفاع به وممن قال بتحريم تخليلها وأنها لا تطهر بذلك الشافعي وأحمد والثوري ومالك في أصح الروايتين عنه وجوزه الأوزاعي والليث وأبو حنيفة ومالك في رواية عنه وأما إذا انقلبت بنفسها خلا فيظهر عند جميعهم الا ما حكي عن سحنون المالكي أنه قال لا يطهر قوله
(٣)