قالت لا والله لا يقتص منها أبدا قال فما زالت حتى قبلوا الدية فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره هذه رواية مسلم وخالفه البخاري في روايته فقال عن أنس ابن مالك أن عمته الربيع كسرت ثنية حارثة وطلبوا إليها العفو فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالقصاص فقال أنس بن النضر يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتاب الله القصاص فرضى القوم فعفوا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره هذا لفظ رواية البخاري فحصل الاختلاف في الروايتين من وجهين أحدهما أن في رواية مسلم أن الجارية أخت الربيع وفي رواية البخاري أنها الربيع بنفسها والثاني أن في رواية مسلم أن الحالف لا تكسر ثنيتها هي أم الربيع بفتح الراء وفي رواية البخاري أنه أنس بن النضر قال العلماء المعروف في الروايات رواية البخاري وقد ذكرها من طرقه الصحيحة كما ذكرنا عنه وكذا رواه أصحاب كتب السنن قلت إنهما قضيتان أما الربيع الجارحة في رواية البخاري وأخت الجارحة في رواية مسلم فهي بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء وأما أم الربيع الحالفة في رواية مسلم فبفتح الراء وكسر الباء وتخفيف الياء وقوله (صلى الله عليه وسلم) في الرواية الأولى (القصاص القصاص) هما منصوبان أي أدوا القصاص وسلموه إلى مستحقه وقوله (صلى الله عليه وسلم) (كتاب الله القصاص) أي حكم كتاب الله وجوب القصاص في السن وهو قوله والسن بالسن وأما قوله والله لا يقتص منها فليس معناه رد حكم النبي (صلى الله عليه وسلم) بل المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفو وإلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في الشفاعة إليهم في العفو وإنما حلف ثقة بهم أن لا يحنثوه أو ثقة بفضل الله ولطفه أن لا يحنثه بل يلهمهم العفو وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) أن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره معناه لا يحنثه لكرامته عليه وفي هذا الحديث فوائد 1 جواز الحلف فيما يظنه الإنسان ومنها جواز الثناء على من يخاف الفتنة بذلك وقد سبق بيان هذا مرات 2 منها استحباب العفو عن القصاص ومنها استحباب الشفاعة في العفو 4 ومنها أن الخبرة في القصاص والدية إلى
(١٦٣)