الذي بين جمادي وشعبان) أما ذو القعدة فبفتح القاف وذو الحجة بكسر الحاء هذه اللغة المشهورة ويجوز في لغة قليلة كسر القاف وفتح الحاء وقد أجمع المسلمون على أن الأشهر الحرم الأربعة هي هذه المذكورة في الحديث ولكن اختلفوا في الأدب المستحب في كيفية عدها فقالت طائفة من أهل الكوفة وأهل الأدب يقال المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة ليكون الأربعة من سنة واحدة وقال علماء المدينة والبصرة وجماهير العلماء هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة منها هذا الحديث الذي نحن فيه وعلى هذا الاستعمال أطبق الناس من الطوائف كلها وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان وإنما قيده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه وإزالة للبس عنه قالوا وقد كان بين بني مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن وهو الذي بين جمادى وشعبان وكانت ربيعة تجعله رمضان فلهذا اضافه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى مضر وقيل لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم وقيل إن العرب كانت تسمى رجبا وشعبان الرجبين وقيل كانت تسمى جمادى ورجبا جمادين وتسمى شعبان رجبا وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض فقال العلماء معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون بملة إبراهيم عليه السلام في تحريم الأشهر الحرم وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر ثم يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة حتى اختلط عليهم الأمر وصادفت حجة النبي (صلى الله عليه وسلم) تحريمهم وقد تطابق الشرع وكانوا في تلك السنة قد حرموا ذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرناه فأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السماوات والأرض وقال أبو عبيد كانوا ينسؤن أي يؤخرون وهو الذي قال الله تعالى فيه إنما النسئ زيادة في الكفر فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر ثم يؤخرون صفر في سنة أخرى فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه وذكر القاضي
(١٦٨)