ففيه اشتراط التقابض في بيع الربوي بالربوي إذا اتفقا في علة الربا سواء اتفق جنسهما كذهب بذهب أم اختلف كذهب بفضة ونبه (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث بمختلف الجنس على متفقه واستدل أصحاب مالك بهذا على أنه يشترط التقابض عقب العقد حتى لو أخره عن العقد وقبض في المجلس لا يصح عندهم ومذهبنا صحة القبض في المجلس وأن تأخر عن العقد يوما أو أياما وأكثر ما لم يتفرقا وبه قال أبو حنيفة وآخرون وليس في هذا الحديث حجة لأصحاب مالك وأما ما ذكره في هذا الحديث أن طلحة بن عبد الله رضي الله عند أراد أن يصارف صاحب الذهب فيأخذ الذهب ويؤخر دفع الدراهم إلى مجئ الخادم فإنما قاله لأنه ظن جوازه كسائر البياعات وما كان بلغة حكم المسألة فأبلغه إياه عمر رضي الله عنه فترك المصارفة قوله (صلى الله عليه وسلم) (البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد) فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد هذا دليل ظاهر في أن البر والشعير صنفان وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة والثوري وفقهاء المحدثين وآخرين وقال مالك والليث والأوزاعي ومعظم علماء المدينة والشام من المتقدمين أنها صنف واحد وهو محكى عن عمر وسعيد وغيرهما من السلف رضي الله عنهم واتفقوا على أن الدخن صنف والذرة صنف والأرز صنف الا الليث ابن سعد وابن وهب فقالا هذه الثلاثة صنف واحد قوله (صلى الله عليه وسلم) (فمن زاد أو ازداد فقد أربى) معناه فقد فعل الربا المحرم فدافع الزيادة وآخذها عاصيان مربيان قوله (فرد الناس) ما أخذوا هذا دليل على أن البيع المذكور باطل قوله (أن عبادة بن الصامت قال لنحدثن بما سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن كره معاوية) أو قال وأن رغم يقال رغم
(١٣)