السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٨٩
أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، والله لئن قاتلتهم واحدا لأكونن له ثانيا، قال علي: يا أبا اليقظان، والله لا أجد عليهم أعوانا، ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون، وبقي (عليه السلام) في داره، وعنده نفر من أهل بيته، وليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.
قال الشعبي: واجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع، فقاموا إلى علي، فقالوا: قم فبايع عثمان، قال: فإن لم أفعل، قالوا: نجاهدك قال: فمشى إلى عثمان حتى بايعه، وهو يقول: صدق الله ورسوله، فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه، وقال: إن عثمان أعطانا يده ويمينه، ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها فيه، فقال: أيها عنك، إنما آثرته بها لتنالها بعده، دق الله بينكما عطر منشم.
قال الشعبي: وقدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان، فقيل له: رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك، فقال: والله لو بايعتم شركم لرضيت، فكيف وقد بايعتم خيركم، قال: ثعدا؟ عليه بعد ذلك وصاحبه حتى قتلاه، ثم زعما أنهما يطلبان بدمه.
قال الشعبي: فأما ما يذكره الناس من المناشدة، وقول علي (عليه السلام)، الشورى: أفيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا، فإنه لم يكن يوم البيعة، وإنما كان بعد ذلك بقليل، دخل علي (عليه السلام) على عثمان وعنده جماعة من الناس، منهم أهل الشورى، وقد كان بلغه عنهم هنات وقوارص، فقال لهم: أفيكم أفيكم، كل ذلك يقولون لا قال: لكني أخبركم عن أنفسكم، أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين، وتوليت يوم التقى الجمعان، وأما أنت يا طلحة فقلت: إن مات محمد لتركضن بين خلا خيل نسائه كما ركض بين خلا خيل نسائنا، وأما أنت يا عبد الرحمن، فصاحب قراريط، وأما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر.

(1) منشم: امرأة عطارة من فزاعة، فتحالف قوم فأدخلوا أيديهم في عطرها على أن يقاتلوا حتى يموتوا، فضرب ذلك مثلا لشدة الأمر.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست