السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٩٣
المغيرة، فخرج أبو موسى حتى صلى صلاة الغداة بظهر المربد وأقبل إنسان فدخل على المغيرة، فقال: إني رأيت أبا موسى قد دخل المسجد الغداة، وعليه برنس، وها هو في جانب المسجد، فقال المغيرة: إنه لم يأت زائرا ولا تاجرا.
وجاء أبو موسى حتى دخل على المغيرة ومعه صحيفة ملء يده فلما رآه قال: أمير فأعطاه أبو موسى الكتاب، فلما ذهب يتحرك عن سريره قال له:
مكانك تجهز ثلاثا. وقال آخرون: إن أبا موسى أمره أن يرحل من وقته، فقال:
المغيرة: قد علمت ما وجهت له، فألا تقدمت وصليت، فقال: ما أنا وأنت في هذا الأمر إلا سواء، فقال المغيرة: إني أحب أن أقيم ثلاثا لأتجهز. فقال أبو موسى: قد عزم أمير المؤمنين ألا أضع عهدي من يدي، إذ قرأته حتى أرحلك إليه، قال: إن شئت شفعتني، وأبررت قسم أمير المؤمنين بأن تؤجلني إلى الظهر، وتمسك الكتاب في يدك.
فلقد رئي أبو موسى مقبلا ومدبرا، وإن الكتاب في يده معل بخيط، فتجهز المغيرة، وبعث إلى أبي موسى بعقيلة، جارية عربية من سبي اليمامة، من بني حنفية، ويقال: إنها مولدة الطائف، ومعها خادم، وسار المغيرة حين صلى الظهر، حتى قدم على عمر.
قال أبو زيد عمر بن شبه: فجلس له عمر ودعا به وبالشهود، فتقدم أبو بكرة فقال: أرأيته بين فخذيها؟ قال: نعم، والله، لكأني أنظر إلى تشريم جدري بفخذيها، قال المغيرة: لقد ألطفت النظر، قال أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به، فقال عمر: لا والله حتى تشهد. لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة، قال: نعم أشهد على ذلك، فقال عمر:
اذهب عنك مغيرة، ذهب ربعك.
ثم دعا نافعا فقال: علام تشهد؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة، فقال عمر: لا حتى تشهد إنك رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، قال

(١) المربد: من أشهر محال البصرة، وكان يكون فيه سوق الإبل قديما، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مغافرات الشعراء ومجالس الخطباء. معجم البلدان ٥: ٩٨.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 97 99 100 ... » »»
الفهرست