السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٨٨
وسأهيئ، ذلك إن شاء الله، ولن آلوا أمة محمدا خيرا، والله المستعان.
قال عوانة: فحدثني يزيد بن جرير، عن الشعبي، عن شقيق بن مسلمة، أن علي بن أبي طالب، لما انصرف إلى رحله، قال لبني أبيه: يا بني عبد المطلب، إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي كعداوتهم النبي في حياته، وأن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا، ووالله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف.
قال: وعبد الله بن عمر بن الخطاب، داخل إليهم، قد سمع الكلام كله، فدخل وقال: يا أبا الحسن، أتريد أن تضرب بعضهم ببعض فقال:
اسكت ويحك، فوالله لولا أبوك وما ركب مني قديما وحديثا، ما نازعني ابن عفان، ولا ابن عوف، فقام عبد الله فخرج.
قال: وأكثر الناس في أمر الهرمزان، وعبيد الله بن عمر، وقتله إياه، وبلغ ما قال فيه علي بن أبي طالب، فقام عثمان فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس أنه كان من قضاء الله أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أصاب الهرمزان، وهو رجل من المسلمين، وليس له وارث إلا الله والمسلمون، وأنا إمامكم وقد عفوت، أفتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس، قالوا: نعم، فعفا عنه، فلما بلغ ذلك عليا تضاحك، وقال: سبحان الله، لقد بدأ بها عثمان، أيعفو عن حق امرئ ليس يواليه، تالله أن هذا لهو العجب، قالوا: فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه.
قال الشعبي: وخرج المقداد من الغد، فلقى عبد الرحمن بن عوف، فأخذ بيده، وقال: إن أردت بما صنعت وجه الله، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك. فقال عبد الرحمن: اسمع، رحمك الله، اسمع، قال: لا أسمع والله، وجذب يده من يده، ومضى حتى دخل على علي (عليه السلام)، فقال: قم فقاتل حتى نقاتل معك، قال علي: فبمن أقاتل رحمك الله، وأقبل عمار بن ياسر ينادي:
يا ناعي الإسلام قم فانعه قد مات عرف وبدا نكر
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست