السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٨٥
شيئا، مع أني لست أرجو إلا أحدهما، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا، لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا، كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا، أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرنه ما أتى إلينا قديما، ولأعلمته سوء رأيه فينا، وما أتى إلينا حديثا، ولئن مات - وليموتن - ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا، ولئن فعلوها - وليفعلن - ليرونني حيث يكرهون، والله ما بي رغبة في السلطان، ولا حب الدنيا، ولكن لإظهار العدل والقيام بالكتاب والسنة.
قال: ثم التفت فرآني وراءه فعرفت أنه قد ساءه ذلك، فقلت: لا ترع أبا حسن، لا والله يستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها، فوالله ما سمعه مني مخلوق حتى قبض الله عليا إلى رحمته.
قال عوانة: فحدثنا إسماعيل، قال: حدثني الشعبي، قال: فلما مات عمر، وأدرج في أكفانه، ثم وضع ليصلي عليه، تقدم علي بن أبي طالب فقام عند رأسه، وتقدم عثمان فقام عند رجليه، فقال علي (عليه السلام):
هكذا ينبغي أن تكون الصلاة، فقال عثمان: بل هكذا، فقال عبد الرحمن:
ما أسرع ما اختلفتم، يا صهيب: صل على عمر كما رضي أن تصلي بهم المكتوبة، فتقدم صهيب فصلى على عمر.
قال الشعبي: وأدخل أهل الشورى دارا، فأقبلوا يتجادلون عليها، وكلهم بها ضنين، وعليها حريص، إما لدنيا وإما لآخرة، فلما طال ذلك قال عبد الرحمن: من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر، ويختار لهذه الأمة رجلا منكم، فإن طيبة نفسي أن أخرج منها، واختار لكم قالوا: قد رضينا إلا علي بن أبي طالب فإنه اتهمه، وقال: أنظر وأرى، فأقبل أبو طلحة عليه، وقال: يا أبا الحسن، ارض برأي عبد الرحمن، كان الأمر لك أو لغيرك، فقال علي: أعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى، ولا تمل إلى صهر ولا ذي قرابة، ولا تعمل إلا لله، ولا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها.
قال: فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا إله إلا هو، لأجتهدن لنفسي
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست