السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ١٠٢
ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغمزة في حقي، والسنة في ظلامتي، أما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول: المرء يحفظ في ولده، سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم، الآن مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمتم دينه، ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع وهنه، واستبهم فتقه، وفقد راتقه، وأظلمت الأرض له، وخشعت الجبال، وأكدت الآمال، أضيع بعده الحريم، وهتكت الحرمة، واذيلت المصونة، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته، وأنبأكم بها قبل وفاته، فقال: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين).
أيها بني قيلة، اهتضم تراثي أبي، وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة، ويشملكم الصوت، وفيكم العدة والعدد، ولكم الدار والجنن، وأنتم نخبة الله التي انتخب، وخيرته التي اختار، باديتم العرب وبادتهم الأمور، وكافحتهم البهم؟ حتى دارت بكم رحى الإسلام، ودر حلبه، وخبت نيران الحرب، وسكنت فورة الشرك، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الإقدام، ونكصتم بعد الشدة، وجبنتم بعد الشجاعة، عن قوم نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، (فقاتلوا أئمة الكفر أنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون).
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فجحدتم الذي وعيتم، وسغتم الذي سوغتم، (وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) ألا وقد قلت لكم ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، وهور القناة، وضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة الشعار، موصولة

(١) سورة آل عمران: ١٤٤.
(٢) سورة التوبة: ١٢.
(3) سورة إبراهيم: 8.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 97 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست