* لما طعن عمر جعل الأمر شورى بين ستة نفر: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن مالك، وكان طلحة يومئذ بالشام، وقال عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قبض وهو عن هؤلاء راض، فهم أحق بهذا الأمر من غيرهم، وأوصى صهيب بن سنان، مولى عبد الله بن جدعان ويقال: أن أصله من حي من ربيعة بن نزار، يقال لهم عنزة - فأزره أن يصلي بالناس حتى يرضى هؤلاء القوم رجلا منهم، وكان عمر لا يشك أن هذا الأمر صائر إلى أحد الرجلين: علي، وعثمان، وقال: إن قدم طلحة فهو معهم، وإلا فلتختر الخمسة واحدا منهم. وروي أن عمر قبل موته أخرج سعد بن مالك من أهل الشورى، وقال: الأمر في هؤلاء الأربعة، ودعوا سعدا على حاله أميرا بين يدي الإمام، ثم قال: ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لما تخالجني فيه الشكوك، فإن اجتمع ثلاثة على واحد، فكونوا مع الثلاثة، وإن اختلفوا فكونوا مع الجانب الذي فيه عبد الرحمن.
وقال لأبي طلحة الأنصاري: يا أبا طلحة، فوالله لطالما أعز الله بكم الذين، ونصر بكم الإسلام، اختر من الإسلام خمسين رجلا، فأت بهم هؤلاء القوم في كل يوم مرة، فاستحثوهم حتى يختاروا لأنفسهم وللأمة رجلا منهم.
ثم جمع قوما من المهاجرين والأنصار، فأعلمهم ما أوصى به، وكتب في وصيته أن يولي الإمام سعد بن مالك الكوفة، وأبا موسى الأشعري، لأنه كان عزل سعدا عن سخطه فأحب أن يطلب ذلك إلى من يقوم بالأمر من بعده استرضاء لسعد.
قال الشعبي: فحدثني من لا أتهمه من الأنصار - هو سهل بن سعد الأنصاري - قال: مشيت وراء علي بن أبي طالب، حيث انصرف من عند عمر، والعباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه، فسمعته يقول للعباس:
ذهبت منا والله، فقال: كيف علمت، قال: ألا تسمعه يقول: كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن لأنه ابن عمه، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره، فإذا اجتمع هؤلاء فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني