نعم: حتى بلغ قذذه فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب نصفك، ثم دعا الثالث، وهو شبل بن معبد فقال، علام تشهد؟ قال: على مثل شهادتي صاحبي، فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب ثلاثة أرباعك. قال: فجعل المغيرة يبكي إلى المهاجرين، وبكى إلى أمهات المؤمنين حتى بكين معه، قالك ولم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فأمر عمر أن ينحي الشهود الثلاثة وألا يجالسهم أحد من أهل المدينة، وانتظر قدوم زياد، فلما قدم جلس في المسجد، واجتمع رؤوس المهاجرين والأنصار. قال المغيرة:
وكنت قد أعددت كلمة أقولها، فلما رأى عمر زيادا مقبلا، قال: إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين.
وفي حديث أبي زيد عمر بن شبه، عن السري، عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان الهندي، أنه لما شهد الشاهد الأول عند عمر تغير الثالث لذلك لون عمر، ثم جاء الثاني فشهد، فانكسر لذلك انكسارا شديدا، ثم جاء فشهد، فكأن الرماد نثر على وجه عمر فلما جاء زياد، جاء شاب يخطر بيديه، فرفع عمر رأسه إليه، وقال: ما عندك أنت يا سلح العقاب، وصاح أبو عثمان الهندي، صيحة تحكي صيحة عمر، قال عبد الكريم بن رشيد: لقد كدت أن يغشى علي لصيحته.
فكان المغيرة يحدث، قال: فقمت إلى الزياد فقلت لا مخبأ لعطر بعد عروس يا زياد، أذكرك الله، وأذكرك موقف القيامة وكتابه ورسوله، أن تتجاوز إلى ما لم تر، ثم صمت، يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قد احتقروا دمي فالله الله في دمي، قال: فتدفقت عينا زياد، واحمر وجهه وقال: يا أمير المؤمنين، أما أن أحق ما حق القوم، فليس عندي ولكني رأيت مجلسا قبيحا، وسمعت نفسا حثيثا، وانتهارا، ورأيته متبطنها، فقال عمر: أرأيته يدخل ويخرج كالميل في المكحلة؟ قال: لا.
وروي أنه قال: رأيته رافعا برجليها، ورأيت خصيتيه مترددتين بين