عن خالد بن معدان قال دخل عبد الله بن الأهتم على عمر بن عبد العزيز مع العامة فلم يفجأ عمر الا وهو بين يديه يتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد فان الله خلق الخلق غنيا عن طاعتهم آمنا لمعصيتهم والناس يومئذ في المنازل والرأي مختلفون، فالعرب بشر تلك المنازل أهل الحجر وأهل الوبر وأهل الدبر تجتاز دونهم طيبات الدنيا ورخاء عيشها، لا يسألون الله جماعة، ولا يتلون له كتابا ميتهم في النار وحيهم أعمى نجس مع مالا يحصى من المرغوب عنه، والمزهود فيه فلما أراد الله ان ينشر عليهم رحمة بعث إليهم رسولا من أنفسهم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم صلى الله عليه وعليه السلام ورحمة الله وبركاته فلم يمنعهم ذلك أن جرحوه في جسمه ولقبوه في اسمه، ومعه كتاب من الله ناطق، لا يقوم إلا بأمره، ولا يرحل إلا باذنه. فلما أمر بالعزمة. وحمل على الجهاد، انبسط لامر الله لوثه، فأفلج الله حجته، وأجاز كلمته. وأظهر دعوته، وفارق الدنيا تقيا نقيا، ثم قام بعده أبو بكر فسلك سنته وأخذ سبيله وارتدت العرب أو من فعل ذلك منهم، فأبى أن يقبل منهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الذي كان قابلا، انتزع السيوف من أغمادها، وأوقد النيران في شعلها، ثم نكب بأهل الحق أهل الباطل، فلم يبرح يقطع أوصالهم، ويسقي الأرض دماءهم، حتى أدخلهم في الذي خرجوا منه، وقررهم بالذي نفروا عنه، وقد كان أصاب من مال الله بكرا يرتوي عليه وحبشية أرضعت ولدا له فرأى ذلك