ذكرا للموت وأشدهم له استعدادا (1).
[14089] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال: ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين (عليهما السلام) إلا ما بلغني من علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال أبو حمزة: كان الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته، قال أبو حمزة: وقرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين (عليهما السلام) وكتبت ما فيها ثم أتيت علي بن الحسين صلوات الله عليه فعرضت ما فيها عليه فعرفه وصححه وكان ما فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم كفانا الله وإياكم كيد الظالمين وبغي الحاسدين وبطش الجبارين، أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا المائلون إليها، المفتتنون بها، المقبلون عليها وعلى حطامها الهامد وهشيمها البائد غدا واحذروا ما حذركم الله منها وأزهدوا فيما زهدكم الله فيه منها ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان، والله إن لكم مما فيها عليها لدليلا وتنبيها من تصريف أيامها وتغير انقلابها ومثلاتها وتلاعبها بأهلها، إنها لترفع الخميل وتضع الشريف وتورد أقواما إلى النار غدا ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه، إن الأمور الواردة عليكم في كل يوم وليلة من مظلمات الفتن وحوادث البدع وسنن الجور وبوائق الزمان وهيبة السلطان ووسوسة الشيطان لتثبط القلوب عن تنبيهها وتذهلها عن موجود الهدى ومعرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله فليس يعرف تصرف أيامها وتقلب حالاتها وعاقبة ضرر فتنتها إلا من عصم الله ونهج سبيل الرشد وسلك طريق القصد ثم استعان على ذلك بالزهد فكرر الفكر واتعظ بالصبر فازدجر وزهد في عاجل بهجة الدنيا وتجافي عن لذاتها ورغب في دائم نعيم الآخرة