الثالث فعل مثل ذلك فاخبر بذلك أبوها فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: بأبي أنت وامي يا رسول الله أمرتني بتزويج جويبر ولا والله ما كان من مناكحنا ولكن طاعتك أوجبت علي تزويجه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فما الذي أنكرتم منه؟ قال: إنا هيئنا له بيتا ومتاعا وأدخلت ابنتي البيت وادخل معها معتما فما كلمها ولا نظر إليها ولا دنا منها بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تاليا للقرآن راكعا وساجدا حتى سمع النداء فخرج ثم فعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الثالثة ولم يدن منها ولم يكلمها إلى أن جئتك وما نراه يريد النساء فانظر في أمرنا فانصرف زياد وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جويبر فقال له: أما تقرب النساء؟ فقال له جويبر: أو ما أنا بفحل؟ بلى يا رسول الله إني لشبق نهم إلى النساء، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قد خبرت بخلاف ما وصفت به نفسك قد ذكر لي أنهم هيؤوا لك بيتا وفراشا ومتاعا وادخلت عليك فتاة حسناء عطرة وأتيت معتما فلم تنظر إليها ولم تكلمها ولم تدن منها فما دهاك اذن؟ فقال له جويبر: يا رسول الله دخلت بيتا واسعا ورأيت فراشا ومتاعا وفتاة حسناء عطرة وذكرت حالي التي كنت عليها وغربتي وحاجتي ووضيعتي وكسوتي مع الغرباء والمساكين فأحببت إذ أولاني الله ذلك أن أشكره على ما أعطاني وأتقرب إليه بحقيقة الشكر فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلاتي تاليا للقرآن راكعا وساجدا أشكر الله حتى سمعت النداء فخرجت فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيرا ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء الله، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى زياد فأتاه فأعلمه ما قال جويبر فطابت أنفسهم قال: ووفى لها جويبر بما قال، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله تعالى فما كان في الأنصار أيم أنفق منها بعد جويبر (1).
(٣٩١)