ومحكمة من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الامة، فقالوا له: أو بعضه فأما كله فلا، فقال لهم: فمن هنا أتيتم وكذلك أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاما ما ذكرتم من اخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله عز وجل وذلك ان الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم وكان نهى الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكيلا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثم الثانية على نفسه وعياله ثم الثالثة على قرابته الفقراء ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ثم الخامسة في سبيل الله وهو أخسها أجرا وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار: لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين يترك صبية صغارا يتكففون الناس، ثم قال: حدثني أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم قال: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) أفلا ترون ان الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم وسمى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا وفي غير آية من كتاب الله يقول انه لا يحب المسرفين فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير ولكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ان أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم رجل يدعو على والديه ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ورجل