ولد الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (1) في بلدة (كلين) من بلاد الري، والتي تعتبر في زماننا من ضواحي مدينة طهران عاصمة الجمهورية الاسلامية الإيرانية، ولم يذكر لنا التاريخ زمن ولادته، ومن المحتمل قويا أنها كانت في بداية الغيبة الصغرى.
ثم نشأ - ظاهرا - في بلدته وترعرع بين أحضانها، وتربى على يدي كبار علمائها الذين هم من أسرته وعلى رأسهم والده يعقوب بن إسحاق، حتى سطع نجمه، ولمع نوره، وانتشر ذكره على اللسان، وراح يشار إليه بالبنان، فأصبح " شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم " (2) ومحمد نظر علماء الطائفة وأبنائها، ولهذا السبب لا لغيره اختاره بعض فضلاء الشيعة لان يكتب له كتابا يبين فيه معالم طريق الحق، ويكشف به عن الصراط القويم، والدين المستقيم.
وببركة هذا الاختيار شمر الشيخ الكليني عن ساعد الجد، فانبثق لنا ذلك النور، وتفجرت ينابيع حكمة النبي وآله (ص) على لسانه، وجرت منه تلك الدرر واللآلئ، وغنمت الطائفة، بل المسلمون قاطبة كنزا ثمينا نفتخر به مدى الزمن على جميع الأمم.
فمن هنا كان الكافي الشريف، فقد أمضى رحمه الله في تأليفه مدة عشرين سنة عاكفا على أصول أصحاب الأئمة (ع)، وكتبهم يجمع بينها وينتخب منها حتى اجتمع لديه منها الشئ الكثير، فهذبها في أحسن تهذيب، ورتبها في أجمل ترتيب، وبوبها على حسب حاجة المكلف إليها، ولأجل ذلك قال عنه شيخ مشايخ الطائفة محمد بن محمد بن النعمان المفيد قدس سره إنه: " من أجل كتب الشيعة