قال: فأتاه قوم - ممن يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (1) - فقالوا له: إن صاحبنا حصر (2) عن كلامك، ولم تحضره حججه.
فقال لهم: فهاتوا حججكم.
فقالوا له: إن حججنا من كتاب الله.
فقال لهم: فأدلوا بها، فإنها أحق ما اتبع وعمل به.
فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي (ص):
* (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) * (3) فمدح فعلهم، وقال في موضع آخر: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * (4) فنحن نكتفي بهذا.
فقال رجل من الجلساء: إنا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها!!
فقال أبو عبد الله (ع): دعوا عنكم ما لا تنتفعون به. أخبروني - أيها النفر! - ألكم علم بناسخ القران من منسوخه، ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك ص ت هذه الأمة؟