الخندق وكان وحده يكفي ليقضي عليهم لولا أبو الحسن (عليه السلام) وقد رد علي (عليه السلام) القوم بضربته التي أنهت فكانت ضربته تساوي عبادة الثقلين - على حد قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) -، ويوم حنين إذ بلغت القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنون سوى علي (عليه السلام) وحده الذاب، وعمه العباس اللازم بزمام فرس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وثلاثة أو خمسة آخرون من بني هاشم يحيطون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى شاء الله أن ينصرهم، وفي كل مرة يبرهن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ضعفهم، ويبرهنون بالاعتراض على جهلهم، وتراهم في آخر حملة يؤمر عليهم شابا لم يبلغ العشرين من العمر وهو أسامة، ليبرهن على قلة حنكتهم وتدبيرهم، فاعترضوا وأصروا، فخطبهم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمرهم بالإسراع في الحملة ولعن من تأخر عن جيش أسامة، وقد ظهر فيما بعد، إنما كانت مدبرة من حزب يضم رجالا ونساء، النساء تراقب بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحاله وتتجسس للرجال وتبعث لهم بالأخبار بين الفينة والفينة.
ورغم لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن تأخر، تأخروا، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تخفى عليه نواياهم ومكائدهم، ولا يخفى عليه انقلابهم، فأراد أن يبرهن على سوء نواياهم فطلب دواة وبياض ليكتب لهم عهدا لن يضلوا بعده أبدا، هنا كشر الشيطان عن وجهه المملوء بالحقد والحسد والمكيدة والخيانة على لسان أحد تلك العصبة المتآمرة فقال كلمته التي ألقى بها الفتنة: إن الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله، وما كاد يقولها حتى تلقفها أعوانه وأحدثوا ضوضاء أباحوا بها عن نواياهم الكمينة وأغراضهم الدفينة، كما صرح بعدها عمر صراحة في زمن خلافته لابن عباس (إنما أراد رسول الله أن يكتب عهد كتابة إلى علي فمنعته "! (1)، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى، لا يفرق عليه القول في حالة الصحة والمرض لأنه إنما ينطق عن الله، وإنما خالفوا الله في أوامره ونواهيه، وقد ظلوا طريق الهداية والصراط المستقيم، وهل