أصبحوا بفضل أبيها وابن عمها، وأعادت على مسامعهم أعماله الجبارة، ولولاهما لما قام للإسلام قائمة وذكرتهم بتوصياته، وذكرتهم بما يلحقهم من الخسران إن تمادوا في غيهم وانقلابهم، ولكن هيهات هيهات (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).
وقد قعد لهم الشيطان وأغواهم وأزلهم عن الصراط المستقيم، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، وقالوا إنما عملوا ذلك خوف الفتنة، فأجابتهم (عليها السلام) ألا إنهم في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين.
وقد حذرتهم عاقبة الأمر في الدنيا وفي الآخرة، ولا عذر بأن القوم قد غرتهم ظواهر الأمور وكانوا مأخوذين من على أمرهم لجهلهم ولضعفهم، بعد أن ظهرت النتائج وتحققت الأسباب وجاهروا وصرحوا بكل ما خالفوا فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل خالفوا الله، وها إني أسرد ثانية ما بدأوا فيه وما إليه إنتهوا، وبعدها أقول آها وألف آه، لو سارت الأمور على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو أصغوا إلى أوامر ونواهي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعمت السعادة البشر ولأكلوا من فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم على حد قول الزهراء الطاهرة (عليها السلام) وزوجها الكريم (عليه السلام) وأبيها العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذه نتيجة أعمالهم منذ مرض سيد المرسلين وخاتمهم، وهو الذي أخبرهم بمرض موته في حجة الوداع، وأنه قد دعي فأجاب، وأنها آخر حجة يحجها، وتلك خطبته العصماء في غدير خم، وإقامة علي (عليه السلام) علما لهم، وهو ومنذ بدء الدعوة الإسلامية كظله، فكان في كل فرصة ومناسبة يجاهر بخلافته من بعده وأنه وصيه وأخوه (1) وخليفته