عنه الذهبي والرافعي وابن كثير: إن هذا الشيخ كان يجلس في جامع براثا ويحدث الناس بمثالب الشيخين، ولذا تركت رواياته، وإلا فلا كلام لأحد في صدقه وثقته.
كما امتدحه الخطيب البغدادي في تاريخه، بيد أنه بعد مدحه قال: إنه كان خرج مثالب الشيخين وكان رافضيا. هكذا ترى كيف يتصدى العامة حتى لعلمائهم وأجلة أئمتهم كحجة الإسلام الغزالي وابن عقدة والنسائي ويرمونهم بالرافضية لمحض أنهم كشفوا الحقائق ونطقوا بالحق، ومثلهم المؤرخ الشهير الطبري في القرن الثالث رغم أنه مفخرة العلم والأدب، ولما مات في سن الثمانين دفنوه ليلا في داره لمنع وقوع خطر، كما نرى قتل النسائي في الشام وهو أحد أئمة الصحاح، لأنه ما إن سمع سب وشتم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على المنابر حتى أراد أن يوضح بعض الحقائق، فصعد المنبر وذكر بعض فضائل علي (عليه السلام) وأظهر بعض الحقائق، فهجموا عليه وأوجعوه ضربا، فمات من ذلك.
وأما نقض العهد من الصحابة أخص منهم أبا بكر وعمر في خيبر وأحد والحديبية وحنين (راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ٣٨٩ و ٣٩)، فقد نزلت آيات تنهي عن الفرار، وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العهود والمواثيق عليهم، فحاربوا وهربوا ولم يقف دون فرارهم وصد المشركين سوى علي (عليه السلام) (راجع نفس المصدر لابن أبي الحديد)، وقد نسوا أو تناسوا الآية الشريفة: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير﴾ (1)، انظر إلى العقاب العظيم الذي أعده الله لمن يولي دبره في الحرب، وقد ثبت ذلك في حق كثير من الصحابة، وإذا دققنا وتأملنا بإنصاف لعلمنا أن الفرار من قلة الإيمان وعدم الإخلاص للدين، وهو أحد الموارد الفارقة التي يمحص بها الله