وإعطائها للمراكز الدينية، وظهور الفكرة الديمقراطية البدائية والأرستقراطية الأفلاطونية التي سنورد شرحها فيما يلي، حتى دخلت أنظمة الكنائس في أوربا وظهرت قوتان متنافستان فيها منذ اعتناق المسيحية، وتسلط الكنائس بمعتقداتها حتى على السلطات والحكومات.
وحين ظهر حكم استبدادي جديد في الغرب وحدث انهيار اجتماعي في الشرق فوجئ العالم بالعقيدة الإسلامية الفذة، تلك العقيدة التي بلغت بالإنسان وما يحمله من مزايا وما يجب أن يتمتع به من خصال لبلوغ سعادته حدودا من الكمال لو انصاع إلى رسولها الإنساني الكريم ونبيها الرباني الحكيم وما خطه له من الخطط العظمى لساد السلام والرحمة والسعادة بين الأفراد والجماعات، ولأصبح أفراد النوع الإنساني بما فيهم من أسود وأحمر وأصفر وأسمر وأبيض في الشرق والغرب والشمال والجنوب على اختلاف لغاتهم وطباعهم وعناصرهم وأذواقهم متساوين في الحقوق والواجبات تجاه الآخرين، ولسادت المحبة مكان الضغينة، وما تجرأ أن يعتدي من زاغت نفسه أو طغى هواه على الغير، تحت تربية عالمية متينة ذات أصل متين واحد، وأصبحوا بحكم العدالة والبر والإحسان والتعاون والمحبة المتبادلة إخوانا صدقت نياتهم مع آمالهم يصدق عليهم قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (1).
لكنهم ما إن أغمض هاديهم ومرشدهم ورسولهم الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) عينيه بعد أن أوضح لهم الطريق وأنار السبل وأدلى الحجج، وأنذرهم الله وحذرهم الفرقة والمخالفة والخروج عما أوصاهم وتلا عليهم ما أنزله الله في كتابه حيث قال تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على