والعادة في كل قبيلة ودويلة فدولة، وتأثير الواحدة على الأخرى، وتبادل الآراء وانتقال الحضارات والثقافات من الواحدة للأخرى.
وقد كانت في البدء العائلة أساس الجماعة، حتى إذا توسعت وتكاثرت وضمت العائلة بعد توالدها عوائل أصبحت قبيلة، فقبائل متجاورة انضمت إلى بعضها بناء على الغريزة الإنسانية لحب الظهور والتسلط.
ولنفس السبب ظهرت الحكومات البدائية والدويلات المتجاورة، وبضم الكبيرة الصغيرة طبق القانون الطبيعي تشكلت الدول ثم الدول الكبرى، من شعوب متمايزة بحضاراتها وتمدنها، وفيها حصل تبادل الآراء في مختلف العلوم الفلسفية والاجتماعية والطبية والسياسية وغيرها.
وكانت ولا شك بحكم الغلبة والحروب أكثرها حكومات استبدادية مطلقة، تحت نفوذ سلطة مطلقة تستمد نفوذها من رئيس الدولة وهو الملك أو قل ملك الملوك، وإلى ذلك نرى في الشرق والغرب السلطات الثانوية المتنفذة من الناحية الروحية والنفسية من الكهنة ورجال الدين، أولئك الذين كانوا على الأغلب بيدهم وتحت نفوذهم أهم العلوم الاجتماعية والنفسية والطبيعية وما وراء الطبيعة، وبعض السلطات التي كان لها تأثيرها على السلطات العليا نفسيا، كما نرى ذلك في بلاد مصر وبابل العائدة لتأثير المعابد، وبعدها اليونان وبلاد فارس خصوصا حينما نهض فيها العلماء والمدرسون من طبيعيين وما وراء الطبيعة، وتوسعت الأفكار، ووضعت حدود وموازين لاستبداد الملوك ورجال الدين، ونهض الرسل والأنبياء لاستنفار الناس والإهابة بهم، لصد المظالم وردع المفاسد.
وعند تحديد السلطات العليا في بعض الدول، تشكلت عوض السلطات المطلقة من فرد واحد سلطات تضم عدة أشخاص يقومون بإدارة دفة الحكومة كما نرى ذلك عند اليونان في تشكل القناصل، وعند الرومان، ونزع بعض السلطات