فبعد ثلاثة وعشرين عاما دعاهم في غدير خم، وأخذ البيعة له (عليه السلام) ممن حضر هناك، فهنأه الرجال، والنساء آنذاك، وخصوصا، أبا بكر وعمر بن الخطاب، وأخذ جبرئيل العهد على عمر كي لا ينقضه. (1) وحين قربت وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل المهاجرين والأنصار مع أسامة وتحت إمارته، ولعن من تخلف، وقد تخلفوا، ثم دعا بمحضرهم بدواة وقرطاس ليضع العهد كتابة (2)، فحدثت بمخالفة عمر أول فتنة في الإسلام، حتى إذا قرب الأجل ورحل (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى وبدأ علي (عليه السلام) بإجراء تنفيذ وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغسله وتكفينه ودفنه، اغتنم عمر الفرصة فأتى إلى دار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيها بنو هاشم وجل الصحابة ليستدعي أبا بكر وحده من بينهم، وكان قبلها قد خلف وراءه هو وأبو بكر جيش أسامة خارج المدينة مخالفا بذلك أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وغير مكترث باللعن الذي لعن به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المتخلفين عن ذلك الجيش وفي الجيش أجلة المهاجرين والأنصار، وبادر إلى السقيفة أبو عبيدة الجراح فوجدوا قلة من الأوس والخزرج اجتمعوا لانتخاب أمير من بينهم، وكانوا قبلها بليلة قد ألقوا الفتنة والتفرقة بين الأنصار من الأوس والخزرج، فقدم أبو بكر ليبايع أبو عبيدة الجراح أو عمر، فقال له عمر أنت أحق بهذا الأمر، وبايعه هو وأبو عبيدة والتحق بهما نفر من الأوس دون علم من جيش أسامة وهو على أبواب المدينة، وبدون علم من بني هاشم أهل بيت الرسالة وأقرباء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القريبين والصحابة المشتركين في غسل وتدفين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودون علم الباقين الذين هم خارج السقيفة وفي المدينة نفسها، ودون علم من في جمع الأقطار والمدن والقرى المحيطة بالمدينة أو أطرافها، أو مكة وحواليها أو اليمن وما فيه أو الجزيرة بما فيها من مسلمين...
(١٣)