الباقية، يستثير علماؤها جهالها، وينهضون بعد طوال الرقاد، يهيبون بالناس لأخذ حقهم المسلوب وإقصاء الظلم والاستبداد، فتقوم الثورات الدينية على الكنيسة، وبعدها الثورات على ملوكها، تحطم الأولى تمثال الكنيسة وتهدم الثانية هيبة الملوك وصرحهم الشامخ، ليقيموا حكومات سموها ديمقراطية تحت سلطة الشعوب مع حفظ حق الفرد، وأخرى شيوعية تحت سلطة الجماعة مع حق الجماعة، وقامت ثالثة فاشستيه لتعدل بينهما وتعيد الحكم المطلق بأسماء أخرى، وثارت بينها الحروب ولا زالت سجالا حتى اليوم.
تلك صورة مجملة من حكومات العالم منذ بدء التاريخ إلى اليوم، وكل منها، سواء كانت مطلقة أو أرستقراطية، ديمقراطية أو شيوعية ما وفت بالحق لا للفرد ولا للجماعة. بل لا زالت وبالا علينا وسخطا على شعوبها، وساقت للبشرية باسم الإنسانية أعظم المجازر والويلات، وجنت على شعوبها أمر ما يجنيه الجاهل والمجنون على نفسه أو العدو على عدوه.
* * *