الظلمات التي يعيش فيه سواد الناس والأشياء لتطبيق النظريات على الحقائق، وخوض معمعة الحياة العملية، والمنافسات الموجودة بين مختلف طبقات التجار والصناع وغيرهم، وأخذ العبرة مما يرونه من تنافس ومشاحنات وتصادم واحتيال ومكر، ومعاشرتهم إياهم بالكسب والمعاملات، وذلك لمدة خمس عشرة سنة، وهي آخر محك، وفيها يعرف الفائز من الخاسر، والناجح من الراسب بعد بلوغ الخمسين. وقد أتقن الحكمة نظريا وعلميا، وعنده أن هؤلاء غايته المنشودة من حكام الدولة المثلى، ولنبذ الانتخابات والانتخابات المزيفة يصبح هؤلاء الرجال حكام الدولة، يتقلدون زمام الحكم دون أن يكون لإخوانهم من طبقات الشعب الأخرى رأي في ذلك، باعتبار عدم قدرتهم على انتخاب الأصلح لإدارة الدولة، لعدم معرفتهم حقيقة الشخص المنتخب والمزايا اللازمة له، ومنع اندفاعهم تحت تأثير الخطب لتوليد هياج وحماس مصطنع في المجتمع، هكذا يريد أفلاطون أن يكون التهذيب والعلم والحكمة والتجربة الواقعية هي المسيطرة.
ومتى بلغ الحكام هذا المقدار من التهذيب فهم لا يتقيدون بقانون مدون بل يعملون حسب مقتضيات الحال، وهم يقتصرون على إدارة الدولة بما فيها دون المداخلة فيما لا يخصهم من مهنة وصنعة، فهم المشرعون وهم الحكام والمنفذون.
وقد أشار أفلاطون إلى الأصالة والوارثة:
1 - فهو لم يسمح بالتعاقب والتوالد إلا من أبوين سالمين، سلامة جسمية وعقلية ونفسية.
2 - ويدعو إلى حياة الفطرة والبساطة.
3 - وأن يكون القسم العقلي سواء في الفرد أو الدولة هو المسيطر على الباقين.
4 - ويعتبر العدالة هي القوة المنظمة لا القوة المجردة، وليست حق الأقوى بل