لدى عدد من المحصلين ممن لا يملكون قوة الاستنباط في أمثال هذه المسائل ويتبعون غيرهم فيها!
فليس كل ما جاء في كتب الأخبار حجة، بل الأمر بين الأمرين؛ فكل ما توفرت فيه شروط القبول والملاكات والأصول التي يجب توفرها في قبول الخبر عند الفقهاء والمحدثين، يكون حجة وإلا فلا. وهذه القاعدة جارية أيضا في حجية جميع أخبار الكتب الأربعة التي وقع النزاع فيها بين مثبت وناف، وإن كانت أخبارها بنظر مؤلفيها محرزة لشرائط القبول، ولكن هذا لا يوجب حجيتها مطلقا عند جميع الأفراد، بل ذلك منوط بثبوت ملاكاتها عندهم مستقلا عند دراستها وبذل الجهد المناسب لها، وإن كانت - حسب الظاهر - بصورة كلية لها شرائط القبول غالبا، ولكن هذا لا يكفي للذهاب إلى أن جميعها حجة ومن ثم يجب العمل بها مطلقا، ولذا يجب التثبت في هذه النظريات الضعيفة والشاذة وإن صدرت عن بعض المشاهير؛ حيث إنها تسبب تشويه صورة أخبارنا وتكذيبها، وهو ذنب عظيم، أعاذنا الله منه.
فيجب على المشتغلين عدم الاعتناء والاغترار بالكلمات الشاذة المخالفة لعمل الأصحاب، كإطلاق أحكام كتب الغلاة في عصر الأئمة - التي تركت من جانب الأصحاب وفنت من صفحة الوجود - على كتب الأصحاب التي كانت متداولة ومعتبرة بينهم وتطبيقها عليها، أو الاستناد لوهنها وردها والتشنيع عليها وإقامة النوائح بسبب بعض الأغلاط التي حدثت من جانب النساخ في كتب الحديث.
وأما الأخبار الأخرى التي أشرنا إليها فهي:
الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه؛ وحميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن علي بن فرقد صاحب السابري قال:
أوصى إلي رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا شيء يسير لا يكفي للحج، فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا: تصدق بها عنه. فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف فسألته وقلت له: إن رجلا من مواليكم