شديدا قال: فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) فرآها ثم قال (1): يا عمه! إن شئت سألت ربي أن يرده عليك فيكون معك حياتك، وإن شئت احتسبته فهو خير لك، قالت: فإني أحتسبه (2)، قال: فخرجت من عنده، فمرت على نفر من قريش، فقال لها بعضهم: يا صفية! غطي قرطيك؛ فإن قرابتك من محمد (صلى الله عليه وآله) لن تنفعك، إنما وجدنا مثل محمد (صلى الله عليه وآله) في بني هاشم مثل عذق (3) نبت في كباة، قال: فرجعت مغضبة، فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال لها: يا عمه! هل بدا لك فيما قلت لك شيء؟ قالت: لا، ولكن سمعت ما هو أشد علي من فقد ابني، مررت بنفر من قريش، فقال لي بعضهم: يا صفية! غطي قرطيك؛ فإن قرابتك من محمد لن تنفعك (4) شيئا، إنما وجدنا مثل محمد في بني هاشم مثل عذق نبت في كباة، قال: فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مغضبا واجتمع الناس إليه، ولبست الأنصار السلاح وأحاطوا بالمسجد، وكان إذا صعد المنبر من غير دعوة فعلت ذلك الأنصار، قال:
فمكث طويلا لا يتكلم ولا يسألونه، فقال: انسبوني من أنا؟ فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلى الله عليه وآله فو الله لا يسألني رجل منكم اليوم من أهل الجنة إلا أخبرته، ولا من أهل النار إلا أخبرته، ولا من أبويه إلا أخبرته، وإني لأبصركم من بين أيديكم ومن خلفكم، فقام إليه غير واحد فسأله: أمن (5) أهل الجنة؟ فأخبره، أو من أهل النار؟ فأخبره.
ثم قام إليه حبيش (6) بن حذافة السهمي - وهو الذي كانت حفصة بنت عمر عنده وهو الذي كان يعيرها به عثمان، فيقول: يا سوءة حبيش (7) - فقال: من أبي؟ فقال: أبوك