قال ابن أبي الحديد في الجزء الثاني عشر من كتابه شرح نهج البلاغة: وروى أبو سعيد الخدري قال: حججنا مع عمر أول حجة في خلافته، فلما دخل المسجد الحرام دنا من الحجر الأسود فقبله واستلمه وقال: إني لاعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله قبلك واستلمك لما قبلتك ولا استلمتك.
فقال له علي: " بل يا أمير المؤمنين انه ليضر وينفع، ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول، قال الله تعالى:
* (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * (1)، فلما أشهدهم وأقروا له أنه الرب عز وجل وانهم العبيد، كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه هذا الحجر، وانه له عينين ولسانا وشفتين يشهد لمن وافاه بالموافاة، فهو أمين الله عز وجل بهذا المكان ".
فقال عمر: لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن (2). انتهى.
ورواه السيوطي في تفسيره وفي آخره: " واني أشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يؤتى بالحجر الأسود وله لسان ذلق (3) يشهد لمن يستلمه بالتوحيد " (4).
وقال ابن أبي الحديد أيضا في موضع آخر من الشرح: وكان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثم ينقضه ويفتي بضده وخلافه، فقضى في الجد مع الاخوة قضايا كثيرة مختلفة، ثم خاف من الحكم في هذه المسألة فقال: من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه (5). انتهى.