ثم قال اسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله (ص) أن يكلمهم فبدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال من الغد: يا علي إن هذا الرجل سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم لي. ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة. ثم قال: أسقهم، فجئتهم بذلك العس بالأمس، فشربوا منه جميعا حتى رووا.
ثم تكلم رسول الله (ص) فقال: يا بني عبد المطلب اني والله ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: أنا - وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا - يا رسول الله صلى الله عليه وآله أكون وزيرك عليه.
فأعاد القوم فأمسكوا، وأعدت ما قلت، فأخذ برقبتي ثم قال لهم: هذا وصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع " (1). انتهى.
وقال البغوي في تفسيره معالم التنزيل في تفسير هذه الآية: روى محمد ابن إسحاق، عن عبد القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن عباس،