وأطيعوني تهتدوا، ومن يواخيني ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي، ويقضي ديني؟ " فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: " أنا "، فقال: " أنت "، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: اطع ابنك فقد أمر عليك (1). انتهى.
ولا يخفى أنهم عقلوا من هذا الكلام فرض الطاعة والامارة في الحال، ومع ذلك أقرهم النبي (ص) على ذلك.
وقال ابن أبي الحديد في الجزء الثالث عشر: فأما الوزارة فقد ذكرها الطبري في تأريخه عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب (ع) قال: " لما نزلت هذه الآية: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * على رسول الله صلى الله عليه وآله دعاني فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعلمت اني متى ما أبادرهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره، فصمت حتى جاءني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد انك إن لم تفعل يعذبك ربك، فأصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملا لنا عسا من لبن، ثم أجمع بني عبد المطلب حتى أكملهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (ص) بضعة من اللحم فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة، ثم قال: كلوا بسم الله، فأكلوا حتى ما لهم إلى شئ حاجة، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل منهم يأكل ما قدمته لجميعهم.