بيان: قال في المنتهى: يستحب قضاء النوافل المرتبة مع الفوائت، وعليه فتوى علمائنا، ولو فاتته نوافل كثيرة لا يعلمها صلى إلى أن يغلب على ظنه الوفاء، كالواجب، ولو فاتت لمرض لم يتأكد استحباب القضاء (1) انتهى.
(١) ضابطة الباب أن القضاء يتبع حال الأداء، أما الفرائض فلما كانت على المؤمنين كتابا " موقوتا " تجب حال الاختيار والاضطرار، كانت قضاؤها واجبا " بالامر الأول على أي حال كان - على ما مر في ج 82 ص 313، وأما النوافل، فلما كان الاخذ بها فضيلة رغبة في ثواب الله والدار الآخرة، فالمكلف فيها على احدى خصال:
1 - حالة فراغ ونشاط في اقبال قلب، يتأكد عليه أداء النوافل على حد سائر السنن والا لكان في تركها رغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وقد قال " من رغب عن سنتي فليس منى " فلو تركها متهاونا " بها لوجب عليه أن يستغفر الله ويتأكد عليه أن يؤديها قضاء خارج الوقت كما كان حال الأداء.
2 - حالة شغل وهم سلب نشاطه وفراغه واقبال قلبه بحيث إذا أطاق نفسه باتيان النوافل كان ثقيلا عليها، فاللازم عليه مصلحة لنفسه أن يتركها، لقوله صلى الله عليه وآله " لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفرا " قطع ولا ظهرا " أبقى " الا أنه يأتي بها قضاء في ظرف آخر ليس له شغل ولا هم في اقبال قلب ونشاط:
ويتأكد عليه القضاء، إذا كان عروض الهم والشغل له بسوء اختياره كالاشتغال بما لا ينبغي من مشاغل الدنيا وادخار زخرفها الدنية أو اللهو واللعب وأمثاله، ولا يتأكد عليه القضاء إذا كان في ظرف الأداء مشتغلا بعبادة أخرى أهم تفوت وقتها كتمريض اخوانه والاهتمام في قضاء حاجة أخيه المؤمن وغير ذلك من محاب الله عز وجل.
3 - حال مرض أو اغماء أو غير ذلك من الموانع التي تمنعه من الاتيان بالنوافل قهرا " أو يذهب بنشاطه واقبال قلبه طبعا، ولما كان عروض ذلك من غلبة الله عليه بمشيئته كان القضاء أيضا ساقطا " عنه كما في حال الأداء: ولعل الله عز وجل يثيبه أكثر من ثواب النافلة لما قد كتب على نفسه الرحمة، وسيجئ ما يدل على ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام.
4 - حال السفر الذي من الله على عباده بوضع الركعات المسنونة الداخلة في الفرض وهي الاخريان من كل رباعية فيتبعها نوافلها المسنونة الخارجة عن الفرض بطريق أولى، فلو أراد المكلف أن يأتي بالنوافل حال السفر أداء، كان ردا " لمنه تعالى ونقضا " لما استصلحه من مرافق السفر، وهو قبيح بل حرام لاستلزامه التهاون بجلاله وعزه واستحقارا " لمنه، ولما لم يكن لها حال أداء لم يكن لها قضاء بالتبع، واما نافلة العشاء فسيجئ الكلام فيه.