الثالث والعشرون: عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عند منصرفه من أحد والناس يحدقون به وقد أسند ظهره إلى طلحة: أيها الناس أقبلوا على ما كلفتموه من إصلاح آخرتكم، وأعرضوا عما ضمن لكم من دنياكم، ولا تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرض لسخطه بنقمته، واجعلوا شغلكم في التماس مغفرته، واصرفوا همتكم بالتقرب إلى طاعته، إنه من بدأ بنصيبه من الدنيا فإنه نصيبه من الآخرة ولم يدرك منها ما يريد، ومن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه من الدنيا.
الرابع والعشرون: عن أبي هريرة فال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة (1)، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويصم الهمم عن سماع الموعظة، وإياكم وفضول النظر فإنه يبدر الهوى (2) ويولد الغفلة وإياكم واستشعار الطمع فإنه يشوب القلب شدة الحرص، ويختم على القلوب بطابع حب الدنيا، وهو مفتاح كل سيئة، ورأس كل خطيئة، وسبب إحباط كل حسنة.
الخامس والعشرون: عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
إنما هو خير يرجى أو شر يتقى أو باطل عرف فاجتنب، أو حق يتعين فطلب، وآخرة أظل إقبالها فسعى لها، ودنيا عرف نفادها فأعرض عنها، وكيف يعمل للآخرة من لا ينقطع من الدنيا رغبته، ولا تنقضي فيها شهوته، إن العجب كل العجب لمن صدق بدار البقاء وهو يسعى لدار الفناء، وعرف أن رضى الله في طاعته، وهو يسعى في مخالفته.
السادس والعشرون: عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: حلوا أنفسكم الطاعة، وألبسوها قناع المخالفة (3) فاجعلوا آخرتكم لأنفسكم وسعيكم لمستقركم، واعلموا أنكم عن قليل راحلون، وإلى الله صائرون، ولا