" لأبيه وأمه " الظاهر تشبيه الطينة بالأم والروح بالأب ويحتمل العكس لا يقال على هذا الوجه يلزم أن يكون المؤمن محزونا دائما لأنا نقول يحتمل أن يكون للتأثر شرايط أخرى تفقد في بعض الأحيان كارتباط هذا الروح ببعض الأرواح أكثر من بعض كما ورد " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ".
ويحتمل أن يكون الحزن الدائم للمؤمن أحد أسبابه ذلك كما أن تذكر الاخوة أيضا سبب له، لكن شدته في بعض الأحيان بحيث يتبين له ذلك، بحزن الأرواح المناسبة له أو بحزن الأرواح الشريفة العالية المؤثرة في العوالم، لا سيما في أرواح الشيعة وقلوبهم وأبدانهم، كما روى الصدوق في معاني الأخبار (1) بإسناده إلى أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ومعي رجل من أصحابنا فقلت له:
جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لاغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا، فقال عليه السلام: إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لأنا وإياكم من نور الله عز وجل فجعلنا وطينتنا و طينتكم واحدة، ولو تركت طينتكم كما اخذت لكنا وأنتم سواء، ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلولا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا.
قال: قلت: جعلت فداك فتعود طينتنا ونورنا كما بدا؟ فقال: إي والله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع الزاهر من القرص إذا طلع أهو متصل به أو بائن منه؟ فقلت له: جعلت فداك بل هو بائن منه؟ فقال: أفليس إذا غابت الشمس و سقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدا منه؟ فقلت له: نعم، فقال: كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون، والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة، وإنا لنشفع ونشفع، ووالله إنكم لتشفعون فتشفعون، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله، وجنة عن يمينه، فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار، فتأمل وتدبر في هذا الحديث فان فيه أسرارا غريبة.