الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (1) ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن، وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا فما ندبتم بأن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم وإنما أمرتم بالدعاء لان ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله وتصديق رسول الله صلى الله عليه وآله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين وبالتقية الحسنة التي بها يسلم من شر عباد الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين، فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآل محمد، وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنة حصينة ولا من عبد ولا أمة داري عباد الله بأحسن المداراة، ولم يدخل بها في باطل، ولم يخرج بها من حق إلا جعل الله نفسه تسبيحا وزكى عمله، وأعطاه لصبره على كتمان سرنا، واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا، ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله تعالى.
وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده، وأعطاهم ممكنه ورضي منهم بعفوهم، وترك الاستقصاء عليهم، فما يكون من زللهم غفرها لهم إلا قال الله عز وجل له يوم القيامة: يا عبدي قضيت حقوق إخوانك، ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم، فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكرم فانا أقضيك اليوم على حق وعدتك به، وأزيدك من فضلي الواسع، ولا أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي قال: فيلحقه بمحمد وآل محمد وأصحابه، ويجعلونه من خيار شيعتهم (2).
23 - تفسير الإمام العسكري: قوله عز وجل " وآتوا الزكاة " أي من المال والجاه وقوة البدن، فمن المال مواساة إخوانك المؤمنين، ومن الجاه إيصالهم إلى ما يتقاعسون عنه لضعفهم عن حوائجهم المقررة في صدورهم، وبالقوة معونة أخ لك قد سقط حماره أو جمله في صحراء