العابدين عليه السلام: ما بالك مغموما؟ قال: يا ابن رسول الله غموم وهموم تتوالى علي لما امتحنت به من جهة حساد نعمي، والطامعين في، وممن أرجوه، وممن أحسنت إليه فيخلف ظني فقال له علي بن الحسين عليه السلام: احفظ عليك لسانك تملك به إخوانك.
قال الزهري: يا ابن رسول الله إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي، قال علي بن الحسين عليه السلام: هيهات هيهات إياك وأن تعجب من نفسك، وإياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه شرا يمكنك أن توسعه عذرا.
ثم قال: يا زهري من لم يكن عقله من أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه ثم قال: يا زهري أما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم منك بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم منك بمنزلة ولدك، وتجعل تربك (1) بمنزلة أخيك فأي هؤلاء تحب أن تظلم؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه، وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره؟
وإن عرض لك إبليس لعنه الله أن لك فضلا على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك فقل قد سبقني بالايمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره، فمالي أدع يقيني لشكي، وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك، فقل هذا فضل أخذوا به، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا عنك فقل هذا الذنب أحدثته فإنك إذا فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك وكثر أصدقاؤك وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف على ما يكون من جفائهم.
واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره عليهم فائضا، وكان عنهم مستغنيا متعففا، وأكرم الناس بعده عليهم من كان متعففا وإن كان إليهم محتاجا فإنما أهل الدنيا يعتقبون الأموال، فمن لم يزدحمهم فيما يعتقبونه كرم عليهم، ومن