الناس حيطة من ورائه وأعطفهم عليه، وألمهم لشعثه، إن أصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الأمور، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنما يقبض عنهم يدا واحدة، ويقبض عنه منهم أيد كثيرة.
ومن يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودة، ومن بسط يده بالمعروف - إذا وجده - يخلف الله له ما أنفق في دنياه، ويضاعف له في آخرته، ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير [ا] من المال يأكله ويورثه، لا يزدادن أحدكم كبرا وعظما في نفسه ونأيا عن عشيرته إن كان موسرا في المال، ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه بعدا إذا لم ير منه مروة، وكان معوزا في المال، ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة أن يسدها بما لا ينفعه إن أمسكه، ولا يضره إن استهلكه (1) تبيين: لن يرغب المرء نهي مؤكد مؤبد في صورة النفي، وفي بعض النسخ لم يرغب " وإن كان ذا مال وولد " فلا يتكل عليهما فإنهما لا يغنيانه عن العشيرة وعشيرة الرجل قبيلته وقيل بنو أبيه الأدنون، " وعن مودتهم وكرامتهم " الإضافة فيهما إلى الفاعل أو إلى المفعول، والأول أنسب بقوله " ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم " فان الإضافة فيه إلى الفاعل، وكون الجمع باعتبار عموم المرء بعيد جدا وسيأتي نقلا من النهج ما يعين الإضافة إلى الفاعل، ويحتمل أن يكون المراد بكرامتهم رفعة شأنهم بين الناس لا إكرامهم له.
" هم أشد الناس حيطة " أي حفظا، في القاموس حاطه حوطا وحيطة وحياطة:
حفظه وصانه وتعهده، والاسم الحوطة والحيطة، ويكسر انتهى وهذا إذا كان حيطة بالكسر كما في بعض نسخ النهج، وفي أكثرها حيطة كبينة بفتح الباء وكسر الياء المشددة (2) وهي التحنن " من ورائه " أي في غيبته، وقيل أي في الحرب والأظهر عندي أنه إنما نسب إلى الوراء لأنها الجهة التي لا يمكن التحرز منها