عليه الفخذان وتحجبه الأليتان بما عليهما من اللحم فيواريانه. فإذا احتاج الانسان إلى الخلاء وجلس تلك الجلسة ألفي ذلك المنفذ منصبا مهيأ لانحدار الثفل.
فتبارك [الله] من تظاهرت آلاؤه، ولا تحصى نعماؤه.
فكر يا مفضل في هذه الطواحن التي جعلت للانسان، فبعضها حداد لقطع الطعام وقرضه، وبعضها عراض لمضغه ورضه، فلم ينقص واحد (1) من الصفتين إذا كان محتاجا إليهما جميعا.
تأمل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر والأظفار، فإنهما لما كانا مما يطول ويكثر حتى يحتاج إلى تخفيفه أولا فأولا جعلا عديمي الحس لئلا يؤلم الانسان الاخذ منهما. ولو كان قص الشعر وتقليم الأظفار مما يوجد له مس ذلك لكان الانسان من ذلك بين مكروهين: إما أن يدع كل واحد منهما حتى يطول فيتثقل عليه، وإما أن يخففه بوجع وألم يتألم منه.
قال المفضل: فقلت: فلم لم يجعل ذلك خلقة لا تزيد فيحتاج الانسان إلى النقصان منه؟ فقال عليه السلام: إن لله تبارك وتعالى في ذلك على العبد نعما لا يعرفها فيحمد عليها.
اعلم أن آلام البدن وأدواءه تخرج بخروج الشعر في مسامه وبخروج الأظفار من أناملها. ولذلك امر الانسان بالنورة وحلق الرأس وقص الأظفار في كل أسبوع ليسرع الشعر والأظفار في النبات فتخرج الآلام والأدواء بخروجهما. وإذا طالا تحيزا وقل خروجهما فاحتبست الآلام والأدواء في البدن فأحدثت عللا وأوجاعا، ومنع مع ذلك الشعر من المواضع التي يضر بالإنسان ويحدث عليه الفساد والضرر: لو نبت الشعر في العين ألم يكن سيعمى البصر؟ ولو نبت في الفم ألم يكن سينغص على الانسان طعامه وشرابه؟
ولو نبت في باطن الكف ألم يكن سيعوقه عن صحة اللمس وبعض الاعمال؟ ولو نبت في فرج المرأة وعلى ذكر الرجل ألم يكن سيفسد عليهما لذة الجماع؟ فانظر كيف تنكب الشعر هذه المواضع لما في ذلك من المصلحة. ثم ليس هذا في الانسان فقط، بل تجده في البهائم والسباع وسائر المتناسلات، فإنك ترى أجسامهن مجللة بالشعر، وترى هذه