تتحيز الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف؟ من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجا تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الانسان عيشه؟ فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا! بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس أكثر.
من جعل المعدة عصبانية شديدة وقدرها لهضم الطعام الغليظ؟ ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء، ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا الله القادر؟ أترى [من] الاهمال يأتي بشئ من ذلك؟ كلا بل هو تدبير من مدبر حكيم قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها لا يعجزه شئ وهو اللطيف الخبير.
فكر يا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام؟ هل ذلك إلا ليحفظه ويصونه؟ لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض؟ لم صارت (1) الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها ومعونة على العمل؟
لم صار داخل الاذن ملتويا كهيئة اللولب (2) إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليكسر حمة الريح فلا ينكأ في السمع؟ لم حمل الانسان على فخذيه وأليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من الأرض فلا يتألم من الجلوس عليها كما يألم من نحل جسمه وقل لحمه إذا لم يكن بينه وبين الأرض حائل يوقيه صلابتها؟ من جعل الانسان ذكرا وأنثى إلا من خلقه متناسلا؟ ومن خلقه متناسلا إلا من خلقه مؤملا؟ ومن أعطاه آلات العمل إلا من خلقه عاملا ومن خلقه عاملا إلا من جعله محتاجا؟ ومن جعله محتاجا إلا من ضربه بالحاجة؟ ومن ضربه بالحاجة إلا من توكل بتقويمه؟ من خصه بالفهم إلا من أوجب له الجزاء؟ من وهب له الحيلة إلا من ملكه الحول؟ ومن ملكه الحول إلا من ألزمه الحجة؟ من يكفيه مالا تبلغه حيلته إلا من لم يبلغ (3) مدى شكره؟ فكر