أن نذكر ههنا بعض أقوال المتكلمين والحكماء، ثم نبين ما ظهر لنا فيه من أخبار أئمة الأنام عليهم السلام.
فأما الحكماء فقد بنوا ذلك على ما أسسوه من انطباع صور الجزئيات في النفوس المنطبعة الفلكية، وصور الكليات في العقول المجردة، وقالوا: إن النفس في حالة النوم قد تتصل بتلك المبادئ العالية فتحصل لها بعض العلوم الحقة الواقعة، فهذه هي الرؤيا الصادقة، وقد يركب المتخيلة بعض الصور المخزونة في الخيال ببعض، فهذه هي الرؤيا الكاذبة. وقال بعضهم: إن للنفوس الانسانية اطلاعا على الغيب في حال المنام وليس أحد من الناس إلا وقد جرب ذلك من نفسه تجارب أوجبته التصديق، وليس ذلك بسبب الفكر، فإن الفكر في حال اليقظة التي هو فيها أمكن يقصر عن تحصيل مثل ذلك، فكيف في حال النوم، بل بسبب أن النفوس الانسانية لها مناسبة الجنسية إلى المبادئ العالية المنتقشة بجميع ما كان وما سيكون وما هو كائن في الحال، ولها أن تتصل بها اتصالا روحانيا وأن تنتقش بما هو مرتسم فيها، لان اشتغال النفس ببعض أفاعيلها يمنعها عن الاشتغال بغير تلك الأفاعيل، وليس لنا سبيل إلى إزالة عوائق النفس بالكلية عن الانتقاش بما في المبادئ العالية، لان أحد العائقين هو اشتغال النفس بالبدن، و لا يمكن لنا إزالة هذا العائق بالكلية ما دام البدن صالحا لتدبيرها، إلا أنه قد يسكن